١٢

قوله جلّ ذكره : { وَلَقَدْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُ اثْنَى عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّه إِنِّى مَعَكُمْ } .

يذكرهم حُسْنَ أفضاله معهم ، وقبح ( فعلهم ) في مقابلة إحسانه بنقضهم عهدهم .

وعرف المؤمنين - تحذيراً لهم - ألا ينزلوا منزلتَهم فيستوجبوا مثل ما استوجبوه من عقوبتهم .

قوله جلّ ذكره : { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } .

أي لئن قمتم بحقي لأوصلن إليكم حظوظكم ، ولئن أجللتم أمري في العاجل لأجِلَّن قَدْرَكم في الآجل .

وإقامة الصلاة أن تشهد مَنْ تعبده ، ولذا قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( اعْبد اللّه كأنَّكَ تراه ) .

ويقال إقامة الصلاة شرطها أَنْ تُقْبِلَ على ما مَنْ تناجيه بأن تستقبل القُطْرَ الذي الكعبة فيه .

وأمَّا إيتاء الزكاة فحقُّه أن تكسب المال من وجه ، وتصرفه في حقه ، ولا تمنع الحق الواجب فيه عن أهله ، ولا تؤخر الإيتاء عن وقته ، ولا تُحْوِج الفقير إلى طلبه فإنَّ الواجبَ عليكَ أن توصل ذلك إلى مستحقه .

وتعزير الرسل الإيمان بهم على وجه الإجلال ، واعتناق أمرهم بتمام الجد والاستقلال ، وإيثارهم عليك في جميع الأحوال .

قوله جلّ ذكره : { وَأَقْرَضْتُمُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا } .

الأغنياء ينفقون أموالهم في سبيل اللّه ، والفقراء يبذلون مهجَتهم وأرواحَهم في طلب اللّه ، ( فأولئك ) عن مائتي درهم يُخْرِجُونَ خَمْسَة ، وهؤلاء لا يدخرون عن أمره نَفَساً ولا ذرَّة .

قوله جلّ ذكره : { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ولأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } .

التكفير هو الستر والتغطية ، وإنه يستر الذنوب حتى عن العاصي فيمحو من ديوانه ، وينسِي الحَفظَة سوالف عصيانه . وينفي عن قلبه تذكر ما أسلفه ، ولا يوفقه في العرصة على ما قَدَّم من ذنبه ، ثم بعد ذلك يدخله الجنة بفضله كما قال : { وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } ، كما قيل :

ولما رضوا بالعفو عن ذي زلة ... حتى أنالوا كفَّه وازدادوا

قوله جلّ ذكره : { فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } .

فَمَنْ جَحَدَ هذه الأيادي بعد اتضاحها فقد عَدَلَ عن نَهْجِ أهل الوفاء ، وحاد عن سَنَنِ أصحاب الولاء .

﴿ ١٢