١٣قوله جلّ ذكره : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ } . جعل جزاءَ العصيان الخذلانَ للزيادة في العصيان . قوله جلّ ذكره : { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } . وتحريفُهم الكلم عن مواضعه نوعُ عصيان منهم ، وإنما حرَّفوا لقساوة قلوبهم . وقسوة القلب عقوبة لهم مِنْ قِبَل اللّه تعالى على ما نقضوه من العهود ، ونقض العهد أعظمُ وِزْرٍ يلم به العبد ، والعقوبة عليه أشد عقوبة يُعَاقَبُ بها العبد ، وقسوة القلب عدم التوجع مما يُمتَحَنَ به من الصدِّ ، وعن قريبٍ يُمتَحَن بمحنة الرد بعد الصدِّ ، وذلك غاية الفراق ، ونهاية البعد . ويقال قسوة القلب أولها فَقْدُ الصفوة ثم استيلاء الشهوة ثم جريان الهفوة ثم استحكام القسوة ، فإن لم يتفق إقلاع من هذه الجملة فهو تمام الشقوة . ومن تحريف الكلم - على بيان الإشارة - حَمْلُ الكلم على وجوه من التأويل مما تسوِّل لصاحبِه نَفْسُه ، ولا تشهد له دلائلُ العلم ولا أصله . قوله جلّ ذكره : { وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } . أوَّلُ آفاتِهِم نسيانُهم ، وما عصوا ربهم إلا بعد ما نسوا ، فالنسيان أول العصيان ، والنسيانُ حاصلٌ من الخذلان . قوله جلّ ذكره : { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } . الخيانة أمرها شديد وهي من الكبار أبعد ، وعليهم أشد وأصعب . ومن تعوَّد اتباع الشهوات ، وأُشْرِبَ في قلبه حُبَّ الخيانة فلا يزال يعيش بذلك الخُلُق إلى آخر عمره ، اللّهم إلا أن يجودَ الحقُّ - سبحانه - عليه بجميل اللطف . قوله جلّ ذكره : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّه يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } . قد يكون موجب العفو حقارة قدر المعفو عنه إذ ليس كل أحدٍ أهلاً للعقاب . وللصفح على العفو مزية وهي أن في العفو رفع الجناح ، وفي الصفح إخراج ذكر الإثارة من القلب ، فمن تجاوز عن الجاني ، ولم يلاحظه - بعد التجاوز - بعين الاستحقار والازدراء فهو صاحب الصفح . والإحسان تعميمٌ - للجمهور - بإسداء الفضل . |
﴿ ١٣ ﴾