٩٢منَعَهم الفقرُ عن الحَرَاك فالتمسوا من الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - أن يحملهم معه ويهيئ أسبابهم ، ولم يكن في الحال للرسول عليه السلام سَعَةٌ ليوافقَ سُؤْلَهم ، وفي حالة ضيق صدره - صلى اللّه عليه وسلم - حَلَفَ إنه لا يَحْمِلُهم ، ثم رآهم صلى اللّه عليه وسلم يتأهبون للخروج ، وقالوا في ذلك ، فقال عليه السلام : ( إنما يحملكم اللّه) . فلمَّا رَدَّهم الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - عن الإجابة في أن يحملهم رجعوا عنه بوصف الخيبة كما قال تعالى : { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ } كما قال قائلهم : قال لي مَنْ أُحِبُّ والبيْن قد ... حَلَّ ودمعي مرافِقٌ لشهيقي ما تُرى في الطريق تصنع بعدي؟ ... قلتُ : أبكي عليك طول الطريق قوله : { حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ } شقَّ عليهم أنْ يكونَ على قلب الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - بسببهم شُغْلٌ فَتَمَنَّوْا أن لو أُزِيجَ هذا الشغلُ ، لا ميلاً إلى الدنيا ولكن لئلا تعودَ إِلى قلبه - عليه السلام - مِنْ قِبَلِهم كراهةً ، ولهذا قيل : مَنْ عَفَّ خَفَّ على الصديقِ لِقاؤه ... وأخو الحوائجِ مُمْجِجُ مَمْلولُ ثم إنَّ الحقَّ - سبحانه - لمَّا عَلِمَ ذلك منهم ، وتمحضت قلوبُهم للتعلُّق باللّه ، وخَلَتْ عقائدُهم عن مُساكنةِ مخلوقِ تَدَارَكَ اللّه أحوالَهم؛ فأمر اللّه رسوله عليه السلام أَنْ يَحْمِلَهم . . بذلك جَرَتْ سُنَّتُه ، فقال : { وَهُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا }[ الشورى : ٢٨ ] . |
﴿ ٩٢ ﴾