١٦-١٨قوله جلّ ذكره : { وجآءوا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } . تمكينُ الكذَّاب من البكاء سِمَةُ خذلان اللّه تعالى إياه ، وفي الخبر : ( إذا كَمُلَ نفاقُ المرء مَلَكَ عَيْنَه حتى يبكي ما شاء ) . ويقال : لا يَبْعُدُ أَنْ يقال إنهم وإنْ جَنَوْا على يوسف عليه السلام فقد ندموا على ما فعلوا ، فَعَلاَهُمْ البكاءُ لنَدمهم - وإن لم يُظْهروا لأبيهم - وتَقَوَّلُوا على الذِّئبِ . قوله جلّ ذكره : { وجآءوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } . لم يُؤثِّرْ تزويرُ قَالَبِهم في إيجاب تصديق يعقوب - عليه السلام - لكذبهم بل أخبره قلبُه أَنَّ الأمرَ بخلاف ما يقولونه فقال : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّه الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } . فَعلم على الجملة وإنْ لم يعلمْ على التفضيل . . . وهكذا تقرع قلوبَ الصديقين عواقبُ الأمور على وجه الإجمال ، إلى أنْ تَتَّضحَ لهم تفاصيلُها في المستأنف . ويقال عوقبوا على ما فعلوه بأن أُغفلوا عن تمزيق قميصه حتى عَلم يعقوب تَقَوُّلَهم فيما وصفوا . |
﴿ ١٦ ﴾