٥وإن تعجبُ- يا محمد- لقولهم فهذا موضعٌ يَتَعَجَّبُ منه الخَلْق ، فالعَجَبُ لا يجوز في صفة الحقِّ ، إذ إن التعجبَ الاستبعادُ والحقُّ لا يَسْتَبْعِدُ شيئاً ، وإنما أثبت موضعَ التعجب للخَلْق ، وحَسَنٌ ما قالوا : ( إنما تعجب من حجب ) لأنَّ مَنْ يَنَلْ عيونَ البصيرةِ لا يتعجَّبُ مِنْ شيء . وقومٌ أطلقوا اللفظ بأن هذا من باب الموافقة أي إنك إن تعجب فهذا عجب موافقتك له . وإطلاق هذا - وإن كان فيه إشارة إلى حالة لطيفة - لا يجوز ، والأدبُ السكوتُ عن أمثال هذا . والقوم عبّروا عن ذلك فقالوا : أعجبُ العجبِ قول ما لا يجوز في وصفه العجب . . وإنْ تعجَّب . وقوله تعالى : { أَءِذَا كُنَّا تُرَاَباً أءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } : استبعادُهم النشأةَ الثانيةَ- مع إقرارهم بالخَلْقِ الأولِ وهما في معنىً واحد - موضعُ التعجب ، إذ هو صريح في المناقضة ، وكان القومُ أَصحابَ تمييز وتحصيل ، فقياسٌ مثل هذا يدعو إلى العجب . ولكن لولا أن اللّه - سبحانه - لَبَّسَ عليهم كما قال : { فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }[ يس : ٩ ] - وإلا ما كان ينبغي أَنْ يخفي عليهم جواز هذا مع وضوحه . |
﴿ ٥ ﴾