٢١في هذه الآية دليل على مقدار الجُرْمِ ، وأنه لا عِبْرَةَ بصغر الجثة وعِظَمِها . وفيه دليل على أن الطير في زمانه كانت في جملة التكليف ، ولا يبعد الآن أن يكون عليها شَرْعٌ ، وأَنَّ لهم من اللّه إلهاماً وإعلاماً؛ وإِن كان لا يُعْرَفُ ذلك على وجه القَطْع . وتعيين ذلك العذاب الشديدِ غيرُ ممكنٍ قطعاً ، إلا تجويزاً واحتمالاً . وعلى هذه الطريقة يَحْتَمِلُ كلَّ ما قيل فيه . ويمكن أن يقال فإن وُجِدَ في شيءٍ نَقْلٌ فهو مُتَّبَعٌ . وقد قيل هو نَتْفُ ريُشه وإلقاؤه في الشمس . وقيل يفرِّق بينه وبين أليفه . وقيل يشتِّت عليه وقتَه . وقيل يُلْزِمُه خدمة أقرانه . والأَولى في هذا أن يقال من العذاب الشديد كيت وكيت ، وألا يُقْطَعَ بشيءٍ دون غيره على وجه القطع . فَمِنَ العذاب الشديد أن يُمْنَعَ حلاوة الخدمة فيجد أَلَمَ المشقة . ومن ذلك أن يقطع عنه حُسْنُ التولي لشأْنه ويوكَلَ إلى حَوْلِهِ ونَفْسِه ، ومن ذلك أن يُمْتَحَنَ بالحِرْصِ في الطلب ثم يحال بينه وبين مقصوده ومطلوبه . ومن العذاب الشديد الطمع في اسم العذر ثم لا يرتفع ومن ذلك سَلْبُ القناعة . ومنه عَدَمُ الرضا بما يجري . ومن ذلك توهم الحدثان وحسبان شيءٍ من الخَلْق . ومن ذلك الحاجة إلى الأَخٍسَّةِ من الناس . ومن ذلك ذُلُّ السؤال مع الغفلة عن شهود التقدير . ومن ذلك صحبة الأضداد والابتلاء بمعاشرتهم . ومن ذلك ضعف اليقين وقلة الصبر . ومن ذلك التباس طريق الرُّشد . ومنه حسبان الباطل بصفة الحق . والتباس الحقِّ في صورة الباطل . ومنه أن يطالب بما لا تتسع له ذات يده . ومنه الفقر في الغُرْبة . |
﴿ ٢١ ﴾