١٢-١٣

أي آتينا سليمانَ الريح أي سَخّرناها له ، فكانت تحمل بساطة بالغدو مسيرة شهر؛ وبالرواح مسيرةَ شهر .

وفي القصة أنه لاحظ يوماً مُلْكَه ، فمال الريحُ ببساطه ، فقال سليمان للريح : استو ، فقالت الريح : استوِ أنت ، فما دمتَ مستوياً بقلبك كنتُ مستوياً بك ، فلما مِلْتَ مِلتُ .

{ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ } .

أي وآتيناه ذلك ، فكانت الشياطينُ مُسَخَّرةً له ، يعملون ما يشاء من الأشياء ذكرها سبحانه .

قوله جلّ ذكره : { اعْمَلُواْ ءَالَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ } .

أي اعملوا يا آل داود للشكر ، فقوله : ( شكراً ) منصوب لأنه مفعول له .

ويقال شكراً؛ منصوب لأَنه مفعول به مثل قوله تعالى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ }[ المؤمنين : ٤ ] .

وقد مضى طَرَفٌ من القول في الشكر . والشكور كثير الشكر ، والأصل في الشكر الزيادة ، والشكيرة اسم لما ينبت تحت الأشجار منها ، ودابة شكور إذا أظهرت من السِّمَن فوق ما تُعْطَى من العَلَفِ؛ فالشكور الذي يشكر على النعمة فوق ما يشكر أمثالُه وأضرابُه . وإذا كان الناسُ يشكرونه على الرخاء فالشكور يشكره في البلاء .

والشاكر يشكر على الَبذْلِ ، والشكور على المنع . . فكيف بالبذل؟

والشكور يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه ومالِه ، والشاكر ببعض هذه .

ويقال في { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشّكُورُ } قليلٌ مَنْ يأخذ النعمة مني ولا يحملها على الأسباب؛ فلا يشكر الوسائطَ ويشكرني . والأكثرون يأخذون النعمة من اللّه ، ويَجِدُون الخيرَ مِنْ قِبَلهِ ثم يتقلدون المِنَّةَ من غير اللّه ، ويشكرون غيرَ اللّه .

﴿ ١٢