٣٦تُنَبِه هذه الآيةُ على التفكُّرِ في بديع صُنْعِه؛ فقال : تنزيهاً لِمَنْ خَلَقَ الأَشياء المتشاكلةَ في الأجزاء والأعضاء ، من النبات ، ومن أنفسهم ، ومن الأشياء الأخرى التي لا يعلمون تفصيلها ، كيف جعل أوصافَها في الطعوم والراوئح ، في الشكل والهيئة ، في اختلاف الأشجار في أوراقها وفنون أغصانها وجذوعها وأصناف أنوارها وأَزهارها ، واختلاف أشكال ثمارها في تفرُّقِها واجتماعها ، ثم ما نيط بها من الانتفاع على مجرى العادة مما يسميه قومٌ : الطبائع؛ في الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، واختلاف الأحداث التي يخلقها اللّه عقيب شراب هذه الأدوية وتناول هذه الأطعمة على مجرى العادة من التأثيرات التي تحصل في الأبدان . ثم اختلاف صور هذه الأعضاء الظاهرة والأجزاء الباطنة ، فالأوقات متجانسة ، والأزمان ، متماثلة ، والجواهر متشاكلة . . وهذه الأحكام مختلفة ، ولولا تخصيصُ حُكْم اللّه لكل شيءٍ بما اختصَّ به لم يكن تخصيصٌ بغير ذلك أولى منه . وإنَّ مَنْ كحَّلَ اللّه عيونَ بصيرته بيُمْن التعريف ، وقَرَنَ أوقاته بالتوفيق ، وأتَمَ نَظَره ، ولم يصده مانع . فما أقوى في المسائل حُجَّتَه! وما أوْضَحَ في السلوكِ نَهْجَه! . إنَّها لأقْسَامٌ سَبَقَت على مَنْ شاءَه الحقُّ بما شاء . |
﴿ ٣٦ ﴾