٦

[ النساء : ١ ]يعني آدم وحواء .

{ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ } أي خلق لكم ، { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } فمن الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المواشي اثنين .

{ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } : أي يصورِّكم ، ويُرَكِّب أحوالكم .

{ فِى ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } : ظلمة البطن ، وظلمة الرَّحِم ، وظلمة المشيمة . ذَكَّرَهم نسبتهم لئلا يُعْجَبُوا بأحوالهم .

ويقال بَيَّنَ آثار أفعاله الحكيمة في كيفية خِلْقَتِك - من قطرتين - أمشاجاً متشاكلةَ الأجزاء ، مختلفة الصُّوَرِ في الأعضاء ، سَخَّرَ بعضَها مَحَالَّ للصفات الحميدة كالعلم والقدرة والحياة . . . وغير ذلك من أحوال القلوب ، وسَخَّرَ بعضها مَحَالَّ للحواش كالسمع والبصر والشَّمِّ وغيرها .

ويقال هذه كلها نِعَمٌ أنعم اللّه بها علينا فَذَكَّرَنا بها - والنفوسُ مجبولةٌ ، وكذلك القلوبُ على حُبِّ مَنْ أحسن إليها - استجلاباً لمحبتنا له .

{ ذَالِكُمْ اللّه رَبِّكُمْ . . . } أي إن الذي أحسن إليكم بجميع هذه الوجوه هو

ربُّكم . أي : أنا خلقتكم وأنا رزقتكم وأنا صَوَّرتُكم فأحسنت صُورَرَكم ، وأنا الذين أسبَغْتُ عليكم إنعامي ، وخصصتكم بجميل إكرامي ، وأغرقتكم في بحار أفضالي ، وعرفتكم استحقاق جمالي وجلالي ، وهديتكم إلى توحيدي ، وألزمتكم رعايةَ حدودي . . . فما لكم لا تَنْقَطِعون بالكلية إليَّ؟ ولا ترجون ما وَعَدْتُكم لديَّ؟ وما لكم في الوقت بقلوبكم لا تنظرون إليَّ؟

﴿ ٦