١٧-١٨قوله جلّ ذكره : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللّه لَهُمُ البُشْرَى } . طاغوت كلّ إنسانٍ نَفْسُه؛ وإنما يجتنبُ الطاغوتَ مَنْ خالف هواه ، وعانَقَ رضا مولاه . وعبادةُ النَّفْس بموافقة الهوى -وقليلٌ مَنْ لا يعبد هواه ، ويجتنب حديث النَّفْسِ . { وَأَنَابُواْ إِلَى اللّه } : أي رجعوا إليه في كل شيء . قوله جلّ ذكره : { فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ ألَّذِينَ هَدَاهُمُ اللّه وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } . { يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } يقتضي أن يكون الاستماع لكل شيء ، ولكن الاتباع يكون للأحسن . ( أحسنه ) : وفيه قولان؛ أحدهما أن يكون بمعنى الحَسَن ولا تكون الهمزة للمبالغة ، كما يقال مَلِكٌ أَعِزُّ أي عزيز . والثاني : الأحسن على المبالغة ، والحَسَنُ ما كان مأذوناً فيه في صفة الخَلْقُ ويعْلَمُ ذلك بشهادة العلم ، والأحسن هو الأَوْلَى والأصوب . ويقال الأحسن ما كان للّه دون غيره ، ويقال الأحسن هو ذكر اللّه خالصاً له . ويقال مَنْ عَرَفَ اللّه لا يسمع إلا باللّه . ويقيال إن للعبد دواعيَ من باطنه هي هواجسُ النفس ووساوسُ الشيطانِ وخوَاطرُ المَلَكِ وخطابُ الحقِّ يُلْقَى في الرَّوْعِ؛ فوساوسُ الشيطان تدعوا إلى المعاصي ، وهواجسُ النفس تدعو إلى ثبوت الأشياء من النَّفْس وأَنَّ لها في شيءٍ نصيباً ، وخواطرُ المَلَكِ تدعو إلى الطاعاتِ والقُرَبِ ، وخطابُ الحقِّ في حقائق التوحيد . { أُوْلَئِكَ الِّذِينَ هَدَاهُمُ اللّه وأُوْلَئِك هُمْ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } : - أولئك الذين هداهم اللّه لتوحيده ، وأولئك الذين عقولهم غير معقولة . |
﴿ ١٨ ﴾