٦

قوله جل ذكره : { وَمَآ أَفَاءَ اللّه عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عِلِيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللّه يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ وَاللّه عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } .

يريد بذلك أموالَ بني النضير ، فقد كانت من جملة الفَيْء لا من الغنيمة؛ فالفيءُ ما صار إلى المسلمين من أموالِ الكفَّارِ من غيرِ قتالٍ ولا إيجافِ خَيْلٍ ورِكابٍ ، وتدخل في جملته أموالُهم إذا ماتوا وصاروا إلى بيت المال . والغنيمة ما كانت بقتالٍ وإيجاف خيلٍ وركابٍ . وقد خَصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموالِ هؤلاء فقراء المهاجرين ، وستأثر لنفسه بما شاء ، فطابت نفوسُ الأنصارِ بذلك ، وشَكَرَ اللّه لهم . ذلك لأن تحرُّرَ القلب من الأعواضِ والأملاكِ صِفَةُ السادة والأكابر ، ومَنْ أَسَرَتُهُ الأخطارُ وبقي في شُحِّ نَفْسِه فهو في تضييقه وتدنيقه ، وهو في مصادقته ومعاملته ومطالبته مع الناس دائماً يبحث في استيفاء حظوظه - وهذا ليس له من مذاقات هذه الطريقة شيءٌ .

وأهلُ الصفاء لم تَبْقَ عليهم من هذه الأشياء بقيةٌ ،

وأمَّا مَنْ بَقِيَ عليه منها شيءٌ فمُتَرسِّمٌ سُوقِيٌّ . . . لا مُتَحَقَّقٌ صوفيٌّ .

﴿ ٦