١٠وقوله: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (١٠) يقال: شكٌ ونفاق؛ سَمَّى عَزَّ وَجَلَّ المنافقين مرضى؛ لاضطرابهم في الدِّين؛ لأَنهم كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين بالقول، ويضمرون الخلاف لهم بالقلب؛ فكان حالهم كحال المريض الذي هو مضطرب بين الموت والحياة؛ إذ المريض يشرف - ربما - على الموت، ويرجو الإقبال عليه منه ثانيًا؛ فهو مضطرب بين ذلك، فكذلك هم، لما كانوا مضطربين في دينهم سماهم مرضى. والكراميَّة يقولون: بل هم مؤمنون. وأما سائِر الكفرة فإنهم لم يضطربوا في الدِّين، بل أظهروا بالقول على ما أَضمروا بالقلب؛ فسماهم موتى، لما لم ينتفعوا بحياتهم، ولم يكتسبوا الحياة الدائمة. وسمى المؤمنين أَحياء؛ لما انتفعوا بحياتهم، واكتسبوا الحياة الدائمة، لموافقتهم باللسان والقلب جميعًا لدين اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - واللّه أعلم. وقوله: {فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضًا}. اختلف في تأويله: قالت المعتزلة: هو التخلية بينهم وبين ما اختاروا. وأما عندنا: فهُو على خلق أَفعال زيادة الكفر والنفاق في قلوبهم، لما زادوا هم في كل وقت من إظهار الموافقة للمؤمنين بالقول، وإضمار الخلاف لهم بالقلب، خلق اللّه عز وجل تلك الزيادة من المرض في قلوبهم باختيارهم. وقد ذكرنا الوجه في ذلك فيما تقدم في قوله: {اهدِنَا}. وقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}. لأَن عذاب الدنيا قد يكون ولا أَلم فيه؛ فأخبر اللّه عَزَّ وَجَلَّ أن عذاب الآخرة عذاب شديد عظيم، ليس كعذاب الدنيا. |
﴿ ١٠ ﴾