٧٥

وقوله: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}.

قيل: الآية -وإن خرجت على عموم الخطاب- فالمراد منها الخصوص، وهو الرسول - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وإلى هذا يذهب أَكثر أَهل التفسير.

وقيل: المراد منها -بعموم الخطاب- العموم؛ يعني: النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأَصحابه؛ وكأَنها خرجت على النهي عن طمع الإيمان منهم، كأَنه قال: لا تطمعوا في إيمانهم.

كقوله: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}؛ أي: لا تُنقذ.

وكقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}؛ أَي: لا تسمع الصم.

وقوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ. . .} الآية.

لقائلٍ أن يقول: أَليس فيما كان فريقٌ منهم يسمعُون كلام اللّه ثم يحرفونه ما يجب أَن يدفع الطمع عن إيمان هَؤُلَاءِ؟

فهو - واللّه أعلم - لوجهين:

أَحدهما: أَنهم كانوا أصحاب تقليد؛ كقوله: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.

فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أَن هَؤُلَاءِ -وإن رأَوا الآيات العجيبة- فإنهم لا يؤمنون أَبدًا؛ لأَنهم أَصحاب تقليد، لا ينظرون إلى الحجج والآيات.

والثاني: أَنهم - معَ كثرة ما عاينوا من الآيات، وشاهدوا من العجائب في عهد رسول اِللّه موسى - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يطمع في إيمانهم، فكيف طمعتم أَنتم في إيمان هَؤُلَاءِ، وهم أتباعهم؟ واللّه الموفق.

ولهذا وجهان آخران:

أحدهما: كأنه قال: لا تطمع في إيمانهم؛ لأَنهم - في علم اللّه على ما عليه من ذكر.

والثاني: لأن أُولَئِكَ كانوا خيرًا من هَؤُلَاءِ، وأَرغبَ في الحق منهم، ثم لم يؤمنوا مع سماع الحجج، وما يجب به الإيمان، فكيف تطمع في إيمان هَؤُلَاءِ؟

وقوله: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. أنه من عند اللّه، ويعلمون أَنه رسول اللّه، وأَنه حق.

﴿ ٧٥