٨٧وقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}. يعني: التوراة، وهو ظاهر. وقوله: {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ}. وقيل: وقفينا: أَرْدَفْنَا، وهو من القفا، قفا يقفو. وقيل: أَتبعنا رسولًا على أَثر رسول؛ كقوله: {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا}، واحدًا على أَثر واحدٍ. وقوله: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ}. قيل: البينات: الحجج. وقِيل: العجائب التي كانت تجري على يديه، من خلق الطين، وإحياء الموتى، وإبراءِ الأكمه والأَبرص، وإِنباءِ ما يأْكلون وما يدخرون. وقيل: البينات: الحلال والحرام. ثم الرسل في أَنفسهم حفظوا حججًا؛ فلم يحتج كل قول يقولون إلى أن يكون مصحوبًا بدليل وبيانٍ على صدقهم؛ لأَنهم في أَنفسهم حجة. وأما سائر الناس فليسوا بحجج في أَنفسهم، فلا بد لكل قول يقولون أَن يأتوا بدليلٍ يدل على صدقهم، وبيانٍ يُظهر الحق من الباطل، والصوابَ من الخطأ، والصدقَ من الكذب. وباللّه التوفيق. وقوله: {وَأَيَّدْنَاهُ}: قويناه. لم يقتل. أَو كان ما ذكر من النُصرة لهم كان بالحجِج والآيات. ثم في الآية دلالة رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ونبوته؛ لأَنه أخبرهم بتكذيب بعض الرسل، وقتل بعضهم، فسكتوا عن ذلك، فلولا أَنهم عرفوا أنه رسول -عرف ذلك باللّه- وإلا لم يسكتوا عن ذلك. |
﴿ ٨٧ ﴾