١١٨

وقوله: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللّه أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ (١١٨)

قيل فيه بوجوه:

قيل: الَّذِينَ لا يعلمون، يعلمون في الحقيقة، ولكن سماهم بذلك؛ لما لم ينتفعوا بعلمهم.

وقيل: لا يعلمون توحيد ربهم؛ وهم مشركو العرب. قالوا للنبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: هلا يكلمنا اللّه، أو تأْتينا آية فتُخبرنا بأَنك رسوله.

وقيل: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللّه}، أَي: لا يعلمون أَنهم لم يبلغوا المبلغ الذي يتمنون تكليم اللّه إياهم.

وقيل: {لَا يَعْلَمُونَ} أنه قد كلمهم وأَخبرهم بالوحي، وإِيتاء رسوله - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - آياتٍ على رسالته، لكنهم يعاندون.

وقوله: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}.

قيل: الذين من قبلهم: بنو إسرائيل؛ قالوا لموسى - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ما قال مشركو العرب لمحمد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وهو قوله: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}.

وقيل: اليهود سألوا مثل سؤال النصارى.

وقيل: النصارى سألوا مثل سؤال اليهود، واللّه أعلم.

وقوله: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}.

بالكفر والسفه.

وقيل: تشابهت قلوبهم في المقالة؛ يشبه بعضُها بعضًا في السؤال؛ لأَنهم سأَلوا سؤال تعنت، لا سؤال مسترشد.

وقوله: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.

يحتمل وجهين:

أَحدهما: هذا القول.

والثاني: أَن يسأَلوا سؤال التعنت والعتو، لا سؤال مسترشد؛ إذ اللّه - تعالى - قد أَثبت آيات الإرشاد لمن يبتغي الرشد، ولا قوة إلا باللّه.

وقوله: {قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.

قيل: بينا أَمر مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالآيات، والحجج التي أَقامها: أَنه رسول لمن آمن به، وصدقه، ولم يعانده.

﴿ ١١٨