١٩٩وقوله: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللّه إِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) قيل: إن أهل الحرم كانوا لا يقفون بعرفات، ويقولون: إنما نحن أهل حرم اللّه، لا نفيض كغيرنا، ممن قصدنا، فأنزل اللّه فيهم: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، أمرهم بالوقوف بعرفات، والإفاضة منها من حيث أفاض غيرهم من الناس. وذكر عن عائشة، رضيَ اللّه تعالى عنها، أنها قالت: كانت قريش، ومن كان على دينها يقفون بالمزدلفة ولا يقفون بعرفة، أوكان من سواهم يقفون بعرفة. فأنزل اللّه تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. وفيه دليل أن الوقوف بعرفة فرض، وعلى ذلك جاءت الآثار؛ رُويَ عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - " الحج عرفة، من أدرك عرفة بليل، وصلى معنا بجمع، فقد تم حجه ". ويحتمل في قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، معنى آخر: وهو أنهم رأوا غيرهم من أهل الآفاق فإذا قصدوا على الإحرام من وراء الحرم، وهم أمروا بالإحرام في الحرم، فلما خصوهم بذلك ظنوا أن قضاء غيره من المناسك في الحرم. واللّه أعلم. قال الشيخ أبو منصور - رحمة اللّه تعالى عليه -: أمر بالإفاضة بحرف " ثم "، بعد ذكر المزدلفة والإفاضة من عرفات بتقديم المزدلفة، فَبَانَ أن حرف " ثم " مما قد يبتدأ به أيضًا. |
﴿ ١٩٩ ﴾