٢٥٥قوله تعالى: (اللّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... (٢٥٥) وقوله {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قيل هو الحي بذاته لا بحياة هي غيره كالخلق هم أحياء بحياة هي غيرهم حلت فيهم لابد من الموت، واللّه عَزَّ وَجَلَّ يتعالى عن أن يحل فيه الموت؛ لأنه حي بذاته وجميع الخلائق أحياء لا بذاتهم، تعالى اللّه عَزَّ وَجَلَّ عما يقول فيه الملحدون علوا كبيرا. والأصل: أن كل من وصف في الشاهد بالحياة وصف ذلك للعظمة له والجلال والرفعة. يقال: (فلان حي)، وكذلك الأرض سماها اللّه تعالى (حية)، إذا اهتزت وربت وأنبتت، لرفعتها على أعين الخلق. فعلى ذلك اللّه سبحانه وتعالى (حي) للعظمة. وكذلك الأرض سماها اللّه تعالى: (حية) للعظمة والرفعة ولكثرة ما يكون يذكر في المواطن كلها، كما سمى الشهداء (أحياء)؛ لأنهم مذكورون في الملأ من الخلق. ويحتمل: أنه يسمى (حيًّا) لما لا يغفل عن شيء، ولا يسهو، ولا يذهب عنه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وباللّه العصمة. وقوله: {الْقَيُّومُ}، القائم على مصالح أعمال الخلق وأرزاقهم. وقيل: {الْقَيُّومُ}، هو القائم على كل شيء يحفظه ويعاهده، كما يقال: (فلان قائم على أمر فلان)، يعنون أنه يتحفظ أموره حتى لا يذهب عنه شيء. ويقال: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ}، وهو خلق من خلقه. وقيل: إن الكرسي هو الكرسي، لكنه خلقه ليكرم به من يشاء من خلقه. ثم لا يجوز أن يفهم من إضافته إليه ما يفهم من الخلق، كما لم يفهم من قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه}، و " نور اللّه "، و " بيت اللّه " ونحوه ما يفهم من إضافته إلى خلقه. فعلى ذلك لا يفهم من قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ}، وغيره من الآيات ما يفهم من الخلق بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. وقوله تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}. قيل: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}، لا يشق عليه حفظهما. وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي اللّه تعالى عنه، ورُويَ عنه أيضًا أنه قال: لا يثقل عليه. وقيل: {وَلَا يَئُودُهُ}، لا يجهده. وقيل: لا يعالج بحفظ شيء مثال الخلق. وقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}. {الْعَلِيُّ} عن كل موهوم يحتاج إلى عرش أو كرسي، {الْعَظِيمُ} عن أن يحاط به. وقال ابن عَبَّاسٍ - رضي اللّه تعالى عنه -: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ}، قال: علمه، ألا ترى إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}، كل شيء في علمه، لا يَئُودُهُ حفظ شيء، واللّه أعلم. قال الشيخ: - رحمه اللّه تعالى - {الْعَلِيُّ}، عن جميع أحوال الخلق وشبههم، و {الْعَظِيمُ} القاهر والغالب. * * * |
﴿ ٢٥٥ ﴾