١٩٦

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ}: يحتمل تقلبهم وجوهًا.

وذلك نعمة من اللّه عليهم؛ لترْكِهِم يَتَّجِرون في البلدان مع كفرهم بربهم.

والثاني: أعطاهم أموالًا يتنعمون فيها ويتلذذون.

والثالث: ما أخر عنهم العذاب والهلاك إلى وقت.

يقول: لا يغرنك يا مُحَمَّد ذلك؛ إنما هو متاع يسير، ومصيرهم إلى النار؛ كقوله - تعالى -: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ. . .} والآية؛ وكقوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا. . .} الآية.

قال: وليس الاغترار في نفس التقلب؛ لأنه جهد ومشقة؛ ولكن لما فيه من الأمن والسعة والقوة؛ دليله قوله - تعالى -: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ}، ثم قال: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ}، وسعيهم للآخرة متاع لا ينقطع.

﴿ ١٩٦