١٩٩

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّه وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ (١٩٩)

ويعني: القرآن.

{وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ}

ويعني: التوراة.

ثم اختلف في نزوله:

قَالَ بَعْضُهُمْ: نزل في شأن عبد اللّه بن سَلام وأصحابه: أقرُّوا بأنه واحد لا شريك له، وصدقوا رسوله - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وما أنزل عليه. . . ".

وقيل: نزل في شأن النجاشي، وروي عن جابر بن عبد اللّه - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لما صلى على النجاشي قال أناس من المنافقين: يصلي على حبشي مات في أرض الحبشة؟! فأنزل اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّه. . .} الآية.

وعن الحسن قال: لما مات النجاشي، قال رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " استغفروا لأخيكم " قالوا: يا رسول اللّه، لذلك العِلْج؟! فأنزل اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّه. . .} الآية، وقيل: لما صلَّى عليه رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ قال المنافقون: صلى على من ليس من أهل دينه؟ فأنزل اللّه الآية.

وعن الزهري عن أصحاب رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن نبي اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صلى على النجاشي، فكبَّر عليه أربع تكبيرات، وصففنا في المصلَّى خلفه، وكان مات بالحبشة.

قال: والنوازل على وجهين: من ترك بسببه خيرًا وسعة فله فيه فضل؛ لأنه كان مفتاح الخير، ومن ترك بسببه ضيقًا فعليه فضل لوم؛ كأنه مفتاح الضيق.

وأمَّا الأحكام: فإنه ينظر إلى ما فيه نزل فيشترك فيه الخلق، ولا يجوز أن يقال: نزل في شأن فلان؛ إنما أنزل لما في شأن فلان، لا في شأنه.

﴿ ١٩٩