١٨

وقوله: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ... (١٨) إلى آخر الآية، في الكافرين.

وقيل: إنهما جميعًا في المؤمنين، والثالثة في الكفار.

وقيل: إن الأولى في المؤمنين، والثانية في المنافقين، والثالثة: في الكفار.

وعن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - قال: إن اللّه - تعالى - يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

ورُوي عن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " مَنْ تَابَ قَبلَ أَنْ تُغَرغِرَ نَفْسُهُ وُيعَايِنَ المَلَائِكَةَ قَبِلَ اللّه تَوْبَتَهُ ".

والأصل في هذا أن توبة الكافر تقبل إذا كان توبته توبة اختيار، وأمَّا إذا كانت توبته توبة اضطرار ودفع فإنها لا تقبل أبدًا؛ كقوله: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} إذا كان إيمانه إيمان دفع واضطرار عند معاينة العذاب فإنه لا يقبل أبدًا، وهو -أيضًا- كإيمان فرعون، حيث قال: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. . .} الآية، لم يقبل إيمانه؛ لأنه إيمان دفع واضطرار؛ فعلى ذلك كل إيمان كان إيمان دفع واضطرار فإنه لا يقبل أبدًا، وكقوله: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللّه وَحْدَهُ}.

وقيل: قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ. . .} توبة تشريط، فلم تقبل؛ لأنه لم يقطع القول فيه قطعا.

وقيل: في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} هم الذين يتوبون عند معاينتهم الموت؛ أخبر أنه لا يقبل توبتهم؛ لأنهم يتوبون توبة دفع واضطرار.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} لا تقبل توبتهم، لأنهم يتوبون في الآخرة؛ دفع العذاب عن أنفسهم؛ كقوله تعالى: {مَآ أَشْرَكْنَا}، و {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.

﴿ ١٨