١٢٣وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أن الأمر ليس بالأماني؛ ولكن إلى اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - فهو - واللّه أعلم - يحتمل أن يكون في المنزلة والقدر عند اللّه؛ لأنهم قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللّه وَأَحِبَّاؤُهُ}، وقالوا: {قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}، وغير ذلك من الأماني. وأهل التأويل يذهبون إلى غير هذا، وقالوا: إن كل فريق منهم كانوا يقولون: إن ديننا خير من دينكم، ونحن أفضل من هَؤُلَاءِ؛ فنزل: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}. وذلك بعيد. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} اختلف فيه؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله - تعالى -: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، يعني: [شِرْكًا] يجز به؛ يدل على ذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}، وذلك وصف الكافر ألا يكون له ولى يتولى حفظه، ولا نصير ينصره؛ ألا ترى أنه قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}؛ ذكر الذين يعملون الصالحات - وهم مؤمنون - أن يدخلوا الجنة؛ فهذا -أيضًا- يدل أن قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} أراد به الشرك. وقال آخرون: قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، أي: كل سوء يدخل فيه المسلم والكافر؛ ألا ترى أنه رُوي عن أبي بكر الصديق - رضي اللّه عنه - لما نزلت هذه الآية، قال: يا رسول اللّه، كيف الفلاح بعد هذا وكل شيء عملناه جزينا به؟! قال: " غَفَرَ اللّه لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! أَلَستَ تَحْزَنُ؟ أَلَستَ تَنْصَبُ؟ ألَستَ تَمْرَضُ؟ أَلَستَ يُصَيبُكَ الْأَذَى؟ فَهَذَا مَا تُجْزَوْنَ بِهِ، يُجْزَى بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي الدنْيَا، وَالكَافِرُ فِي الْآخِرَةِ "، فإن كان التأويل هذا؛ فقوله: {وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}: هو في الكافر؛ أي: لا يجد له وليا ولا نصيرا إذا لم يرجع عن كفره ومات عليه، وأما إذا رجع عن ذلك، وتاب، ومات على الإيمان؛ فإنه يجد له وليا ونصيرا: ينصره اللّه - تعالى - وباللّه التوفيق. |
﴿ ١٢٣ ﴾