١٥٥

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللّه ... (١٥٥)

قال الكسائي: " ما " - هاهنا - صلة: فبنقضهم ميثاقهم.

وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللّه عَنْهُ -: " وكفرهم بآيات اللّه من بعد ما تبينت ".

وقال مقاتل: فبنقضهم إقرارهم بما في التوراة، وبكفرهم بآيات اللّه، يعني: بالإنجيل والقرآن، وهم اليهود.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}

يحتمل على حقيقة القتل، ويحتمل على القصد والهم في ذلك، وقد هموا بقتل رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - غير مرة.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ -: قال كانوا يقتلون الأنبياء، وأما الرسل - عليهم السلام - فكانوا معصومين، لم يقتل رسول قط؛ ألا ترى أنه قال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا}، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ}.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ}.

قيل فيه بوجهين:

أحدهما: أنهم قالوا: قلوبنا أوعية للعلم، لا تسمع شيئًا إلا حفظته؛ فالقرآن في هذا الوجه غلف.

والثاني: قالوا: قلوبنا في أَكِنَّة مما تقول، لا تعقل ما تقول؛ فالقراءة في هذا الوجه

 غلف فيه.

ثم قال - عَزَّ وَجَلَّ -: {بَلْ طَبَعَ اللّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}.

يحتمل أن يكون هذا جوابًا وردًا على قولهم: إن قلوبنا أوعية للعلم، لا تسمع شيئا إلا وعته؛ أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنه طبع على قلوبهم بكفرهم؛ فلا يفقهون شيئا، واللّه أعلم.

* * *

﴿ ١٥٥