٩٩وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} فيه وجهان: أحدهما: ردّا على من يقول: إن الموعظة لا تنفع ولا تنجع فيه إذا لم يكن الواعظ مستعملا لما يعظ غيره! إذ ليس أحد من الخلق أشد استعمالا من الرسل - عليهم السلام - ثم لا تنفع مواعظهم وذكراهم قومهم، ولا تنجع فيهم؛ لشؤمهم ولشدة تعنتهم. والثاني: إنباء أن ليس على الرسل إلا البلاغ، ولا ضرر عليهم بترك القوم إجابتهم؛ كقوله - تعالى -: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَاللّه يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} ما تبدون من العداوة لمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ولأصحابه، وبنصب الحرب والقتال معهم، وما تكتمون من المكر له، والقصد لقتله؛ كقوله - تعالى -: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّه} الآية كانوا يمكرون، ويقصدون قصد إهلاكه، لكن اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - أطلع رسوله على مكرهم، وأخبر أنه يعصمه عن الناس، وقال -: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّه وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}. |
﴿ ٩٩ ﴾