١٠٠

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ... (١٠٠)

يحتمل وجهين:

أحدهما: خرج عن سؤال قد سبق منهم عن كثرة الأموال؛ لما رأوا أُولَئِكَ كانوا يستكثرون ويجمعون من حيث يحل ولا يحل، فمالت أنفسهم إلى ذلك ورغبت، فقال:

 {لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} كأنه قال: إن القليل من الطيب خير من الكثير من الخبيث، واللّه أعلم.

والثاني: أنهم رغبوا في عبادة أُولَئِكَ من الترهب والاعتزال عن الناس؛ لدفع أذى أنفسهم عنهم، وكثرة ما كانوا يتحملون من الشدائد والمشقة؛ فرغبوا في ذلك، وهموا على ذلك، على ما ذكر في القصة عن بعض أصحاب رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أنهم هموا أن يترهبوا ويعتزلوا من الناس؛ فقال: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} أن العمل القليل مع أصل طيب خير من الكثير مع خبث الأصل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَاتَّقُوا اللّه} في مخالفة أمره ونهيه {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} فيه دلالة أن اللّه لا يخاطب أحدًا إلا من كمل عقله وتم، وباللّه العصمة.

﴿ ١٠٠