١٠١

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... (١٠١)

يحتمل: أن يكون النهي عن السؤال عن أشياء خرج عن أسئلة كانت منهم لم يكن لهم حاجة إليها؛ فنهوا عن ذلك إلى أن يقع لهم الحاجة فعند ذلك يسألون، كأنهم سألوه عن البيان والإيضاح لهم قبل أن يحتاجوا إليه؛ ألا ترى أنه قال: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ. . .} الآية.

ويحتمل: أن يكون خرج النهي عن السؤال ابتداء، على غير تقدم سؤال كان منهم، ولكن نهوا عن السؤال عنها.

ثم يحتمل بعد هذا: أن كان منهم على ابتداء سؤال، كان من أهل النفاق يسألون سؤال تعنت لا سؤال استرشاد، يسألون منه آيات بعد ما ظهرت لهم، وثبت عندهم الحجج، وعرفوا أنه رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وإن كان النهي للمؤمنين فهو ما ذكرنا من سؤال البيان قبل وقوع الحاجة إليه.

 وقيل: نزلت في قوم سألوا رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن أشياء: قال أحدهم: من أَبي؟ وقال آخر: أين أنا؟ قال: " أَنْتَ في النارِ، وَأَنْتَ ابْنُ فُلانٍ " ونحو ذلك من الأسئلة؛ فنهوا عن ذلك.

وقيل: ذكر رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الحج، فقال رجل: أفي كل - عام يا رسول اللّه؟ فقال: " " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، صَارَ مَفْرُوضًا، فَإِذَا صَارَ مَفْرُوضًا تَرَكْتُم، وَإذَا تَرَكْتُم جَحَدْتُمْ، وَإِذَا جَحَدْتُم كَفَرتُم؛ لأنَّ مَنْ جَحَدَ فَرضًا مِمَّا فَرَضَهُ اللّه كَفرَ " أو كلام نحو هذا، ولا يجب أن يفسر هذا أنه كان في كذا؛ إذ ليس في كتاب اللّه بيان سوى أن فيه النهي عن سؤال ما لا يحتاج إليه.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللّه عنه - قال: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} قد عفا اللّه عنها {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، أي: تظهر لكم تسؤكم، أي: أمرتم العمل بها، واللّه أعلم بذلك.

﴿ ١٠١