٩٨وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) فيه دلالة أنه يبدئ ويعيد من غير شيء؛ لأنه أخبر أنه خلق البشر كله من نفس واحدة، والخلائق كلهم لو اجتمعوا ما احتملت الأرض، ولم تكن الخلائق بأجمعهم في تلك النفس الواحدة، دل أنه قادر على الابتداء والإعادة لا من شيء: إذ لم يكن لتلك النفس التي خلق الخلائق منها تقدمة شيء. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}. قال الحسن: مستقر في الآخرة بعمله الذي ختم به: إن ختم بعمل الخير يبقى أبدًا في الخير، وإن ختم بشر يبقى أبدًا في شر، ومستودع في أجله، بنتقل من وقت إلى وقت ومن حال إلى حال. وقيل: مستقر في الدنيا. ويشبه أن يكون مستقر ومستودع في كل حال وكل وقت مستقر في أرحام النساء ومستودع في أصلاب الرجال، وهو قول عامة أهل التأويل، وقيل مستقر في القبر، ومستودع في الدنيا، ويشبه؛ أن يكون {فَمُسْتَقَرٌّ}، في حال القيام حتى ينتقل إلى حال أخرى، {وَمُسْتَوْدَعٌ} لما هو على شرف الانتقال إلى أخرى. وجائز أن يكون قوله {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}: مستقر، في الآخرة بالجزاء لأعمالهم التي عملوا، ومستودع في الدنيا. ويحتمل: مستقر بالليالي، ومستودع بالنهار، والأول لبني آدم خاصة. ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} الفقه هو معرفة الشيء بمعناه الدال على نظيره، والعلم ما يعرف نفسه؛ ولهذا لا يقال: اللّه فقيه، ويقال: عالم؛ لأنه عالم بالأشياء بذاته لا بأغيارها ونظائرها، والفقيه: هو الذي يعرف الأشياء بأغيارها ونظائرها ودلائلها. |
﴿ ٩٨ ﴾