٩٢وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (٩٢) هو - واللّه أعلم - مقابل قولهم: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} وجواب لهم يقول: الذين كذبوا شعيبًا هم الخاسرون لا الذين اتبعوه. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}. قيل: كأن لم يعيشوا فيها، ولم ينعموا قط. وقيل: كأن لم يقيموا فيها. قَالَ الْقُتَبِيُّ: يقال: غنينا بمكان كذا وكذا، أي: أقمنا، ويقال للمنازل: مغان، واحدها: مغنى، ويقال: كأن لم يغنوا فيها، أي: كأن لم يكونوا فيها قط. وهو - واللّه أعلم - لما كانوا يستقلون نعم اللّه عليهم، ويستحقرونها، حتى قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، وقوله: {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ}، ونحوه، وكله إخبار عن قطع آثارهم أنه لم يبق منهم أحد يحزن عليهم أو يبكي عليهم، حتى قال شعيب: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}. وجائز أن يكون قول شعيب حيث قال: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} حين علم أنهم يهلكون، وينزل بهم العذاب، أي: لا أحزن عليهم على ما ذكر. وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو على التقديم والتأخير، قال ذلك في الوقت الذي قال: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} ويقول: كيف أحزن على قوم وعملهم ما ذكر. وقوله: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ}. حين رآهم هلكى، فقال: فكيف آسى على قوم، أي: كيف أحزن على قوم قد كذبوني، واختاروا عداوتي، وصاروا علي أعداء، فكيف أحزن عليهم بالهلاك، وهم أعدائي. وقوله: {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ}. قد ذكرنا هذا. * * * |
﴿ ٩٢ ﴾