٥٣وقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) أي: ذلك العذاب والعقاب الذي ذكره. {بِأَنَّ اللّه لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. قال قائلون: النعمة التي أنعمها عليهم هم الرسل الذين بعثهم إليهم والكتب التي أنزلها عليهم ألم يكن، مغيرا لتلك النعم {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بالتكذيب والرد وترك القبول، وهو كقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا. . .} الآية. وقال قائلون: قوله: {لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، أي: حتى يصرفوا شكر نعمه إلى غير اللّه ويعبدون دونه، أي: لا يغير النعم التي أنعمها عليهم حتى يغيروا ما بأنفسهم، يعبدون غير اللّه، ويشكرون غير الذي أنعم عليهم، فعند ذلك غير اللّه ما بهم من النعمة، وكذلك قال ابن عَبَّاسٍ: نعمة من النعم إن تولوا عن شكرها، غير اللّه عليهم وأخذها منهم. والثاني: يحتمل النعمة الدِّينية، وهو تكذيبهم الرسل وردهم الكتب بعد ما أقسموا أنهم يكونون أهدى من إحدى الأمم، واختيارهم الشرك والكفر على الإسلام والتوحيد، فإذا اختاروا تغيير ذلك، غير عليهم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. يخرج على وجهين: أحدهما: النعمة الدنيوية، لا تتغير تلك عليهم إلا بتغيير من قبلهم؛ إما بترك الشكر لها، وإما بصرفه إلى غير الذي أنعمها عليهم، ولو غيرت عليهم غيرت ببدل، فليس ذلك - في الحقيقة - تغيير {وَأَنَّ اللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. قيل: أي: سميع لشكر من يشكره ويحمده، عليم بزيادة النعمة إذا شكر. ويحتمل: {سَمِيعٌ} أي: مجيب، {عَلِيمٌ}: بمصالحهم. ويحتمل أنه سميع لما أسروا من القول وجهروا به، عليم بما أضمروا من العمل والشرور. |
﴿ ٥٣ ﴾