٥٤وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (٥٤) فَإِنْ قِيلَ: ما فائدة تخصيص ذكر آل فرعون من بينهم؟ وما الحكمة في تكرار قوله: {آلِ فِرْعَوْنَ}؟ قيل: لما كانوا أقرب إلى هَؤُلَاءِ من غيرهم ممن كان قبلهم. ألا ترى أنه قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا}. أو أن يذكر أهل الكتاب منهم؛ لما كانوا ينكرون بعث الرسل من غيرهم، ويقولون: إن محمدًا أمي بعث إلى الأميين مثله، فقال: إن موسى لم يكن من القبط، فبعث رسولا إليهم؛ فعلى ذلك مُحَمَّد وإن كان أميًّا فبعث إلى الأميين وغيرهم، واللّه أعلم بذلك. وأما فائدة التكرار - واللّه أعلم -: فهو أنه ذكر في الآية الأولى الأخذ بالذنوب والتعذيب، ولم يبين ما كان ذلك العذاب، فبين في الآية الأخرى أن ذلك العذاب هو الإهلاك والاستئصال؛ حيث قال: {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ. . .} الآية. ويحتمل قوله: {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} في الآخرة بكفرهم بآيات اللّه في الدنيا؛ ذكر في إحدى الآيتين العذاب في الآخرة، وفي الآية الأخرى الإهلاك في الدنيا؛ لأنه ذكر في الآية الأولى الكفر بآيات اللّه، ولم يبين ذلك، وذكر في الآية الأخرى التكذيب بآياته، فبين اللّه أن الكفر بآياته هو تكذيبها، والتكذيب إنما يكون في الأخبار، وكذلك التصديق. وفيه دلالة أن الإيمان هو التصديق؛ لأنه جعل مقابله وضده التكذيب. وفيه أن الإيمان ليس هو المعرفة؛ لأن مقابلها الجهل باللّه، ليس هو التكذيب، لكن بالمعرفة يكون التصديق، وبالجهل يكون التكذيب. |
﴿ ٥٤ ﴾