٧ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللّه وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) هو - واللّه أعلم - أن كيف يستحقون العهد، وكيف يُعْطَى لهم العهد، وقد نقضوا العهود التي بينهم وبين ربهم وبين رسول اللّه؟! فأما العهود التي بينهم وبين ربهم فهي عهد الخلقة؛ إذ في خلقة كل أحد الشهادة على وحدانية اللّه وألوهيته، والشهادة على الرسالة. وما عهد إليهم في كتبهم من إظهار صفة مُحَمَّد ونعته للخلق، فنقضوا ذلك كله ونقضوا العهود التي بينهم وبين رسول اللّه ولم يحفظوها؛ يقول - واللّه أعلم -: كيف يستحقون أن يُعْطَى العهد لهم، وقد نقضوا العهد الذي عهد اللّه إليهم والعهود التي أعطاهم رسول اللّه؟! لا يستحقون ذلك، إلا أن اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - بفضله وإحسانه أذن أن يعطي لهم العهود: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}، أي: أوفوا لهم العهد إذا أوفوا لكم وإن انقضت المدة؛ يقول - واللّه أعلم -: إذا استقاموا لكم في وفاء العهد، فاستقيموا لهم في وفائه، وإن انقضت المدة. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. استثنى الذين عاهدوا عند المسجد الحرام، يحتمل ألا يُعطى العهد إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام. ويحتمل قوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ}، فإنهم إن وفوا لكم فأوفوا لهم، {إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} إن اللّه يحب من اتقى الشرك واتقى كل جور وظلم، واللّه أعلم. |
﴿ ٧ ﴾