١٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّه بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)

علم اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - كراهة القتل وثقله على الخلق، فأمر المؤمنين بمقاتلة الكفرة، ووعدهم النصر.

والتعذيب بأيديهم: يحتمل وجهين:

الأول: يحتمل: القتل والإهلاك.

والثاني: يحتمل الأسر والسبي.

{وَيُخْزِهِمْ} يحتمل أيضًا وجهين:

الأول: يحتمل: الهزيمة والإذلال.

والثاني: يحتمل قوله: {وَيُخْزِهِمْ}: في الآخرة؛ كقوله: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}، الخزي: العذاب الذي فيه الفضيحة والذلة.

وفي قوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّه بِأَيْدِيكُمْ} دلالة نقض قول المعتزلة؛ لقولهم: إنه لا قدرة للّه على أفعال الخلق، وقد أخبر أنه يعذبهم بأيديهم، ولو كان غير قادر على

 أفعالهم، كان يعذبهم بيده لا بأيديهم.

{وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ}.

وعدهم النصر عليهم والظفر وخزي الكفرة، وهو ما ذكر: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللّه بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} وكذلك في قوله: {أَنْ يُصِيبَكُمُ اللّه بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}، دلالة نقض قولهم أيضًا، لأنه أخبر أنهم يصيبهم العذاب من عنده أو بأيدي المؤمنين؛ كما ذكرناه.

وقوله: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}.

يحتمل أن تكون قلوبهم توجعت وتألمت بكفرهم باللّه وتكذيبهم الرسول، فوعدهم شفاء صدورهم، وذلك يحتمل وجهين:

أحدهما: أنهم يسلمون، فيصيرون إخوانًا، فيدخل فيهم السرور والفرح بإزاء ما حزنوا وتألموا، وذلك شفاء صدورهم.

والثاني: يشف صدورهم بالقتل والهزيمة، يقتلون ويهزمون، ففي ذلك شفاء صدورهم، لما تألمت وتوجعت بالتكذيب والكفر باللّه وآياته.

﴿ ١٤