١٠٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّه هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّه هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)

يحتمل قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا}، أي: قد علموا أن اللّه يقبل توبة من تاب.

ويحتمل على الأمر، أي: اعلموا أن اللّه هو يقبل التوبة عن عباده.

ويحتمل قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا} أي: قد علموا {أَنَّ اللّه هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ} ممن تاب.

 {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ}، قيل: يقبل.

ويشبه إضافة الأخذ إلى نفسه إضافته إلى رسوله بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وذلك كثير في القرآن.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَأَنَّ اللّه هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قال أبو بكر الأصم: التواب هو صفة العافي، وهو اسم للتائب.

والتواب عندنا: هو الموفق للتوبة.

ثم الكافر إذا أسلم وتاب لم يلزم مع التوبة كفارة أخرى سوى التوبة، وإن كان ارتكب مساوئ وفواحش سوى الشرك والكفر، والمسلم إذا ارتكب مساوئ لزمته التوبة والكفارة جميعًا؛ وذلك لأن المسلم لما أسلم اعتقد حفظ ما لزمه من الشرائع، فإذا ارتكب ما ذكرنا خرج عن شرائعه وأدخل نقصانًا فيما اعتقد حفظه، فإذا ترك حفظه وأدخل فيه النقصان، لزمته الكفارة يجبر بها النقصان الذي أدخل فيه، وأما الكافر فليس عليه شيء من الشرائع، إنما عليه أن يتوب عن الشرك ويأتي بالإيمان؛ لذلك افترقا.

﴿ ١٠٤