٦٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢)

لفتيته.

الفتية: الخدم؛ والفتيان: المما ليك.

{اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ}.

قيل: اجعلوا دراهمهم في أوعيتهم، فيه دلالة أن الهبة قد تصح - وإن لم يصرح بها - إذا وقع في يدي الموهوب له وقبضه - وإن لم يعلم هو بذلك - وقتما جعل له؛ لأن يوسف جعل بضاعتهم في رحالهم؛ هبة لهم منه؛ وهم لم يعلموا بذلك، وهو وقتما جعل ذلك لهم، مِلك ليوسف؛ ولهذا قال أصحابنا: إن من وضع ماله في طريق من طرق المسلمين؛ ليكون ذلك ملكًا لمن رفعه كان ما فعل. واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: يرجعون؛ مخافة أن يعرفوا بالسرقة لما عسى يقع عندهم أن واحدًا منا جعل هذا في متاعنا وأوعيتنا سرًّا منهم ففعل يوسف هذا؛ ليرجعوا؛ مخافة أن يعرفوا بالسرقة.

والثاني: ما قاله أهل التأويل: لما تخوف يوسف ألا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به مرة أخرى فجعل دراهمهم في أوعيتهم؛ لكى يرجعوا إلينا؛ فلا يحبسهم عنا عدم الدراهم؛ لأنهم كانوا أهل ماشية.

﴿ ٦٢