٧٠

 وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (٧٠) هو ما يهيأ للخروج؛ ولذلك يقال لمتاع المرأة: جهاز،

وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ -: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}.

السقاية: قيل: هي الإناء الذي كان يشرب فيه الملك، وقيل: هو الصاع الذي كان يكال به الطعام؛ ولكن لا نعلم ما كان ذلك سوى أنا نعلم أنها كانت ذات قيمة وثمن؛ ألا ترى أن ذلك الرسول قال: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} فلولا أنها كانت ذات قيمة وثمن وإلا لم يعط لمن جاء به حمل بعير الطعام، وكان قيمة الطعام عندهم في ذلك الوقت ما كان.

{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ}.

أي: نادى مناد: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}.

لا يحتمل أن يكون يوسف يأمر رسوله أن يقول لهم: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}؛ وقد علم أنهم ليسوا بسارقين، ولكن قال لهم ذلك المنادي الذي ناداه - واللّه أعلم -: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} من نفسه، وهو من بعض من يتولى كيل الطعام على الناس، وأمثاله لا يبالون الكذب أو قال، لهم ذلك قوم كانوا بحضرتهم: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}. أو أن يكون على

 الاستفهام والتقرير. فإن كان هذا - فهو يحتمل من يوسف؛ وأما غيره فلا؛ لأنه كذب. وضم يوسف أخاه يحتمل وجهين:

يحتمل لمكان سؤاله إياهم أن يأتوا به، أو لمكان فضله ومنزلته ليعلموا أن ما كان ليوسف وأخيه عند أبيهم من فضل المحبة والمنزلة من اللّه؛ إذ جعل ذلك لهما عند الملك وغيره. واللّه أعلم.

﴿ ٧٠