٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) هذا ليس على الأمر، ولكن على الوعيد، والتهديد، والإبلاغ في الوعيد، وتأكيد؛ كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ. . .} الآية،، هو على الوعيد؛ حيث قال: {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، فعلى ذلك قوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا} وعيد بقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، ويشبه أن يكون: ذرهم ولا تكافئهم بصنيعهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} المحق من المبطل، وأن المحق والمبطل من أنت أو هم؛ أو سوف يعلمون نصحك إياهم، وشفقتك لهم، أنك نصحت لهم، وأشفقت عليهم لا أن خنتهم أو يعلموا بما سخروا بكم وهزءوا.

وقوله: {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ}.

الأمل: الطمع، اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: منعهم طمعهم أنهم وآباءهم قد أصابوا الحق، ذلك منعهم عن الإجابة، والنظر في الآيات والحجج.

والثاني: تقديرهم بامتداد حياتهم؛ ليبقى لهم الرياسة، والشرف، ذلك الذي كان

 يمنعهم عن الإجابة له، والانقياد له، والنظر في الآيات والحجج.

والثالث: يطمعون هلاك النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ويتمنون ذلك، وانقطاع ملكه، وأمره، والعود إليهم، فذلك الذي كان منعهم.

وفي حرف حفصة: {ذَرْهُم يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ}.

وقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا. . .} الآية في قومٍ علم اللّه أنهم لا يؤمنون، آيس رسوله عن إيمانهم؛ وهو كقوله: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

﴿ ٣