١٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤)

يخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن سفههم وعنادهم في سؤالهم الآيات؛ وطلب نزول الملائكة بقوله: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} يقول: إن سؤالهم الآيات؛ وما سألوا متعنتين مكابرين؛ ليسوا هم بمسترشدين، لكن أهل الإسلام لا يعرفون تعنتهم بالذكر؛ حيث قال: {وَأَقْسَمُوا بِاللّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ. . .} الآية، ثم قال: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}، وذلك أن المؤمنين كانوا يشفعون لهم بسؤالهم الآيات لعلهم يؤمنون؛ فأخبر: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} وفعلى ذلك قوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} يخبر أنهم بسؤالهم نزول الملائكة؛ معاندين مكابرين - ليسوا بمسترشدين.

ثم اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ}: يعني على الملائكة بابا حتى رأوا، وعاينوا الملائكة ينزلون من السماء ويصعدون؛ فلا يؤمنون؛ وقالوا: {إنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} وقيل: حيرت وسدت، {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ}: أي: سحرت أعيننا؛ فلا نرى ذلك.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ} أي: لهم {بَابًا مِنَ السَّمَاءِ} وكقوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} أي: للنصب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَظَلُّوا فِيهِ} حتى {يَعْرُجُونَ} فيه ويعاينون نزول الآيات ويشاهدون كل شيء {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} ويؤيس رسوله وأصحابه عن إيمانهم، وقوله تعالى: (لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) يقولون ذلك لشدة تعنتهم وسفههم، وينكرون معاينة ذلك.

﴿ ١٤