١٨

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللّه لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)

هذا يحتمل وجوهًا:

أحدها: وإن تعدوا أنفس نعمة اللّه التي أنعمها عليكم وأعينها لا تقدروا على عدّها لكثرتها.

والثاني: {وَإِنْ تَعُدُّوا}: وإن تكلفتم واجتهدتم كل جهدكم أن تقوموا لشكر ما أنعم اللّه عليكم ومنَّ، وما قدرتم على القيام لشكر واحدة منها؛ فضلا أن تقوموا للكل.

والثالث: يخرج على العتاب والتوبيخ؛ أي: كيف فرغتم لعبادة من لا يخلق ولا ينعم عن عبادة من خلق وأنعم، وكنتم لا تقدرون على إحصاء ما أنعم عليكم؛ فضلا أن تقوموا لشكره.

وقال الحسن في قوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه لَا تُحْصُوهَا}: لا تعرفوا كل النعم؛ لأنه كم من النعم ما لا يعرفه الخلق؛ كقوله: {نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، فإذا لم يعلموا لم يقدروا إحصاءها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ اللّه لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: إنكم وإن افتريتم على اللّه، وعاندتم حججه وآياته، وكذبتم رسله فإذا استغفرتم؛ وتبتم عما كان منكم؛ يغفر لكم ذلك كله؛ كقوله: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.

 والثاني: {لَغَفُورٌ}: أي: يستر عليكم ما كان منكم؛ ما لو أظهر ذلك لافتضحتم؛ لكنه برحمته ستر ذلك عليكم، رحيم بالستر عليكم. أو ذكر {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} على أثر ذكر النعم وأنواع المنافع؛ ليكونوا رحماء على ما ذكر مما سخر لنا وأذل. واللّه أعلم.

﴿ ١٨