٩٨

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) يحتمل أنه السذ الذي بني وحال بينهم وبين لاجوج ومأجوج، فذلك منه رحمة، أي: برحمته كانت تلك الحيلولة، أو كان ذلك نعمة من اللّه، والرحمة هي النعمة، أي: هذا السد بينكم وبينهم نعمة من ربي عليكم.

ثم فيه وجهان:

أحدهما: ذكر أن ذلك كان برحمة من اللّه إذا فرغ منه، وقد كان في الابتداء حين سالوه أن يجعل لهم السذ أضاف الفعل إلى نفسه حيث قال: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} دل ذلك أن ما فعل برحمة منه وفضل، وأن له في ذلك صنعًا.

والثاني: فيه أن له أن يفعل بالخلق ما ليس هو بأصلح لهم في الدِّين؛ لأنه لا يخلو إما أن كان الأول لهم أصلح في الدِّين، ثم فعل الثاني، فلا يكون الثاني أصلح لهم في الدِّين، وإذا كان الأصلح لهم في الدِّين الثاني فالأول لم يكن، ثم ذكر أن ذلك رحمة منه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي}، أي: فإذا جاء الذي به كان وعد ربي وهو الموعود؛ ولأن الوعد لا يجيء فكأنه قال: موعود رتي، وهو خروج يأجوج ومأجوج، أو فتح ذلك السد {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} أي: كسرا أو هدفا على ما ذكرنا، و {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} أي: هدمه وسواه بالأرض.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: {جَعَلَهُ دَكَّاءَ}، أي: ألصقه بالأرض.

{يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} أي: يجول بعضهم في بعض.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} هذا وعد والأول موعود.

﴿ ٩٨