١٥وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥) يحتمل: (السلام عليه) الوجوه الثلاثة: أحدها: هو اسم كل بر وخير، أي: عليه كل بر وخير في هذه الأحوال التي ذكر. والثاني: (السلام) هو الثناء، أثنى اللّه عليه في أوّل أمره إلى آخره، وبعد الموت في الآخرة، أو أن يكون قوله: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} أي: السلامة عليه في هذه الأحوال التي يكون للشيطان في تلك الأحوال الاعتراض والنزغ فيها؛ لأنه وقت الولادة يعترض ويفسد الولد إن وجد السبيل إليه، وكذلك عند الموت يعترض ويسعى في إفساد أمره فأخبر أن يحيى كان سليمًا سالمًا عن نزغات الشيطان، محفوظًا عنه حتى لم يرتكب خطيئة، ولا هم بها، واللّه أعلم. وفي قوله: {وَيَوْمَ يَمُوتُ} دلالة أن الموت والقتل سواء، وإن كان في الحقيقة مختلفًا؛ لأنه ذكر في القصة أن يحيى قتل، ثم ذكر الموت، فدل أنهما واحد، فهذا يرد على المعتزلة، حيث قالوا: إن المقتول ميت قبل أجله، وفيه أن قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّه أَمْوَاتٌ}، إنما نهانا أن نسميهم أمواتًا في جهة ليس في الجهات كلها، حيث سمى يَحْيَى: ميتًا، وهو كان شهيدًا على ما ذكر أنه قتل. وفي قوله: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} استدلال لأبي حنيفة - رحمه اللّه - حيث وقف في أولاد المسلمين والمشركين، فقال: لا علم لي بهم، ولم يقطع فيهم القول؛ لما يجوز أن يجعل اللّه لهم من المنزلة والتمييز والفهم في حال صغرهم حتى يعرفوا خالقهم ومنشئهم، على ما أعطى يَحْيَى وعيسى في حال صباهما وصغرهما الحكم والفهم والمعرفة. |
﴿ ١٥ ﴾