١٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣)

أي: أنعمتم فيه: مساكنكم، مثل هذا يخرج مخرج الاستهزاء بهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: تعذبون.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: تحاسبون.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لعلكم تسألون الإيمان كما سئلتموه قبل نزول العذاب.

وقيل: لعلكم تسألون عن قتل نبيكم؛ لأنهم قتلوا نبيهم، تسألون فيم قتلتموه؟

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان هذا في نازلة - واللّه أعلم - تلقتهم الملائكة وهم هاربون فارون، فقالوا لهم: {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} استهزاء بهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}: تفقهون.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ}: قال: الضغث: ما لا تأويل له، ويقال: حلم وأحلام، ويقال: حلم يحلم حلما فهو حالم: إذا رأى شيئًا في النوم، واحتلم يحتلم، لا يكون مثل حلم يحلم، ويقال من الحلم: حلم حلما فهو حليم، ويقال: حلمته، أي: جعلته حليما، والافتراء: الكذب، والشاعر: إنما سمى: شاعرًا؛ لأنه يشعر من الكلام ما لا يشعر به غيره، والقصم: الكسر، والمراد منه الهلاك، قصمه غيره وانقصم بنفسه، أي: انكسر،

وقال: {أَحَسُّوا}، أي: استيقنوا بعذابنا، ويقال: أحسست، أي: وجدت، وأحسست: علمت واستيقنت، يقال: أحسست: قطعت، وتحسست، أي: تخبرت، والمحسسة الفِرْجَون.

وقال: يركضون: يهربون {إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ}، أي: أنعمتم ومتعتم، والإتراف: الإكرام.

 وقال أبو عبيدة: {يَرْكُضُونَ} يعدون،

وقوله: {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}، ليس على الأمر، ولكن أي: لو رجعتم إلى ما أترفتم فيه، وكذلك {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا. .}، كذا، ليس على الأمر، ولكن لو سرتم فانظروا كذا؛ فعلى ذلك قوله: {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ}، أي: لو رجعتم لعلكم تسألون كما كنتم تسألون من قبل، فيخرج ذلك مخرج الاستهزاء جزاء لصنيعهم، واللّه أعلم.

﴿ ١٣