٢٣
وقوله
- عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣) هذا
يحتمل وجوهًا: أحدهاة
أنه لا يُسأل؛ لأن ما يفعل يفعل في ملكه وسلطانه، وإنما يسأل من فعل في سلطان غيره
وملك غيره، ففي ذلك دلالة أنه لا يجوز التناول في شيء إلا بالأمر والإباحة من
مالكه، فيبطل قول من يقول: هو على الإطلاق والإباحة في الأصل. والثاني: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}؛ لأنه حكيم بذاته لا يخرج فعله عن الحكمة، فإنما يسأل من يحتمل فعله السفه، فأما من لا يحتمل فعله إلا الحكمة، فإنه لا يحتمل السؤال: لم فعلت؟ ولماذا فعلت؟ والثالث: لو احتمل السؤال عما يفعل لاحتمل الأمر والنهي: أن افعل كذا، ولا
تفعل كذا، وذلك محال، ولو ثبت الأمر فيه لكان يخرج سؤاله سؤال حاجة؛ لأن من يأمر
من فوقه بأمر فإنما يكون أمره سؤال حاجة، ومن يأمر من دونه فيكون أمره أمرًا. |
﴿ ٢٣ ﴾