٩

وقوله: (ثَانِيَ عِطْفِهِ ... (٩)

قَالَ بَعْضُهُمْ: لاوي عنقه إلى معصية اللّه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ناظر في عطفه، أي: في جانبه، ومثل هذا.

لكن حقيقته تخرج على وجهين:

أحدهما: على التمثيل والكناية عن إعراضه عن دين اللّه الحق والصدود عنه، كقوله: {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}،

وقوله: {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}، ونحوه، كله على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق والصدود، لا على حقيقة الانقلاب على الأعقاب؛ فعلى ذلك جائز قوله: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} يخرج على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق.

وجائز أن يكون على حقيقة عطف العنق والميل عنهم تكبرًا وتجبرًا منه عليهم.

ثئم بين أنه لِمَ يفعل؟ فقال: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّه}.

ثم أخبر ما له في الدنيا بصنعه؟ فقال: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: الخزي: هو العذاب الذي يفضحه، وأصل الخزي: الهوان والذل، وهم لما أعرضوا عن عبادة اللّه ودينه بلوا بعبادة الأصنام واتباع الشيطان، فذلك الخزي لهم في الدنيا.

ثم أخبر ما له في الآخرة من الجزاء؟ فقال: {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} وعامة أهل التأويل يصرفون الآية إلى واحد منهم وهو النضر بن الحارث، ويقولون: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}؛ لأنه أسر يوم بدر، فضرب عنقه، وقتل صبرا، فذلك الخزي له.

والحسن يقول: هذا الخزي لجميع الكفرة؛ لأنه لم يزل هذا صنيعهم منذ كانوا، فلهم الخزي في الدنيا: الخسف والحصب، على ما كان في الأمم الخالية.

﴿ ٩