١٩

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (١٩) كان أصل النفاق هم الذين أحبوا أن تشيع الفاحشة، وإلا أهل الإسلام لا يحبون ذلك في المؤمنين {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة؛ لنفاقهم وقرف عائشة.

وأما في المؤمنين فهو ما قال: {يَعِظُكُمُ اللّه أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

وروي عن عمرة عن عائشة قالت: لما نزل عذري قام رسول اللّه على المنبر، فذكر ذلك، وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدَّهم.

وعن ابن عَبَّاسٍ أن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ضرب عبد اللّه بن أبي، وحسان، ومسطح بن أثاثة الحد، وفي بعض الأخبار: وامرأة أيضا، وقيل: خمسة، لكل واحد ثمانين جلدة.

ثم ما ذكر من قذف عائشة أنه بهتان عظيم

وقوله: {وَتَحْسَبُونَهُ} {وَهُوَ عِنْدَ اللّه عَظِيمٌ} ونحوه فجائز أن يكون في قذف كل محصنة بريئة دون أن يكون ذلك خصوصا لعائشة، وهو كما

 ذكر في قذف المحصنات {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}.

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} هذا يحتمل وجهين:

 أحدهما: يشيعون الفاحشة ويذيعونها في الذين آمنوا هم الذين تولوا إشاعتها وإذاعتها فيهم لهم ما ذكر من العذاب الأليم.

والثاني: يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؛ ليكون ذلك ذريعة لهم في المؤمنين فيقولون: إن دينكم لم يمنعكم عن الفواحش والمنكر.

{لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}؛ لأنهم كانوا منافقين ومنهم كان أول بدء القذف، وبهم شاع؛ لذلك كان لهم هذا الوعيد.

وقوله: {وَاللّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أي: واللّه يعلم حقائق الأشياء وأنتم لا تعلمون حقائقها.

وفيه دلالة تعليق الحكم بالظواهر دون تعليقه بالحقائق.

﴿ ١٩