٣وقوله: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ... (٣) أي: معبودا. ثم تسميته إياها -أعني: الأصنام التي عبدوها-: آلهة على ما عندهم وفي زعمهم: أنها آلهة؛ والإله عند العرب المعبود، يسمون كل معبود إلها؛ وكذلك قوله: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ}، عندهم وفي زعمهم، وقول موسى: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}، في زعمهم وعندهم أن كل معبود إله، وإلا قد عابهم بتسميتهم الأصنام: آلهة. ثم بين سفههم وقلة فهمهم في عبادتهم الأصنام وتسميتهم إياها: آلهة؛ حيث قال: {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}، أي: يتركون عبادة من يعلمون أنه خالق كل شيء، ويعبدون من يعلمون أنهم لا يخلقون وهم يخلقون، ويتركون عبادة من يعلمون أنه يملك النفع والضر لأنفسهم أيضًا، وهو قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} لغيرهم؛ فعلى هذا الظاهر يجيء أن يكونوا هم سموا أنفسهم: آلهة لا الأصنام؛ لأنهم يملكون ضرر الأصنام ونفعها، والأصنام لا تملك ذلك لهم ولا لأنفسها. وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا} أي: الموت الذي كان قبل أن يخلق الناس، كقول اللّه تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّه وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا}. وأما قوله: {وَلَا حَيَاةً} يقول: لا يملكون أن يزيدوا في هذا الأجل المؤجل، {وَلَا نُشُورًا} أي: بعثًا بعد الموت. وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يملكون أن يميتوا حيًّا قبل أجله، {وَلَا حَيَاةً}: ولا يحيون ميتًّا إذا جاء أجله، {وَلَا نُشُورًا}، أي: بعثا، على ما ذكرنا، وباللّه العصمة. |
﴿ ٣ ﴾