١٧

وقوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: نحشر أُولَئِكَ الذين عبدوا دون اللّه والمعبودين وهم الملائكة؛ لأن من العرب من قد عبدوا الملائكة؛ كقوله في آية أخرى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ. . .) الآية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو عيسى يحشر بينه وبين من عبدوه؛ لأنه قد عبد دون اللّه فيقول له ما ذكر؛ كقوله: {وَإِذْ قَالَ اللّه يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ. . .} الآية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: يحشر الأصنام ومن عبدها، ثم يأذن لها في الكلام فيقول: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ}؛ كقوله: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} إلى قوله: {إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ}، ولو كان عيسى - عليه السلام - أو الملائكة لكانوا عالمين بعبادتهم إياهم غير غافلين؛ دل ذلك أنها الأصنام التي عبدوها دون اللّه وإياها يسألون.

وكل ذلك محتمل؛ إذ قد كان منهم ذلك كله، واللّه أعلم.

وقوله: {فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ}: واللّه - عَزَّ وَجَلَّ -

كان عالمًا لما كان منهم، لكن السؤال إياهم - واللّه أعلم - يخرج مخرج توبيخ أُولَئِكَ الكفرة وتعييرهم؛ لأنهم يعبدون من ذكر من دون اللّه، ويقولون: هم أمروهم بذلك، وكانوا مقبولي القول عندهم صادقين فيما يخبرون ويقولون، فأراد أن يظهر كذبهم عند الخلائق؛ لذلك سألهم، واللّه أعلم بالكائن منهم من أنفسهم، لكنه يخرج على ما ذكرنا.

ثم نزهوه عن جميع ما لا يليق به، وبرءوا أنفسهم عن أن يكون منهم أمر أو شيء مما نسبه أُولَئِكَ إليهم، وهو أعلم بهم

﴿ ١٧