٢٣وقوله: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) هو ما ذكرنا من الأعمال عملوها في هذه الدنيا رجاء أن يصلوا إليها في الآخرة، فجعلناها هباء منثورا. قال أهل التأويل: {وَقَدِمْنَا} أي: عمدنا وقصدنا إلى ما عملوا من عمل. لكن عندنا: جعلنا أعمالهم تلك في الأصل هباء منثورا. وقَالَ بَعْضُهُمْ: منبثا وهو رهج الدواب. وقَالَ بَعْضُهُمْ: الهباء المنثور: هو غبار الثياب. وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو الغبار الذي يكون في شعاع الشمس، وهو الذي يسمى: الذر. وقَالَ بَعْضُهُمْ قوله: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: عوذا معاذا، يقول: المجرمون يستعيذون من الملائكة. قال أَبُو عَوْسَجَةَ: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}: هو من التكبر، ويقال: من الخلاف: عتا عتيا؛ إذا خالف، يقال في الكلام: لا تعت علي، أي: لا تخالفني. وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو من الشدة واليبس؛ كقوله: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} أي: يابسا. وقال: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي؛ حراما محرمًا، وحجرت عليه ماله، أي: منعته من ماله أحجر حجرا. ويقال: حجرت عينه، أي: لطخت أجفانها بشيء من الدواء. وقوله: {هَبَاءً مَنْثُورًا} أي: لا شيء، والهباء: هباء النار، أي: رمادًا يكون على أعلى النار إذا خمدت ويقال: هبت النار تهبو هبوا إذا خمدت والجمرة على حالها، إلا أنه قد غطاه ذلك الهباء، وكل شيء ليس لشيء فهو هباء، وتقول: هذا هباء، أي: لا شيء، ومنثور: قد نثر. |
﴿ ٢٣ ﴾