٣٤

وقوله: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} يشبه أن يكون ذكر هذا على مقابلة سبقت، وإلا على الابتداء لا يستقيم ذكره؛ فجائز أن يكون ذكره على مقابلة قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا. . .} الآية، هذا ذكر مقام أهل الجنة، فذكر مقابل ذلك مكان أهل النار، فقال: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} أي: شر مكانا في الآخرة، وأضل سبيلا في الدنيا، ويكون مقابل قوله: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}، فقال {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا}، من الذين آمنوا، بل مقامهم الجنة -أعني: المؤمنين- ومقام الكفرة النار، فهم شر مكانًا منهم.

وفي بعض الأخبار: أن رجلا قال: يا نبي اللّه، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: " إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه ".

﴿ ٣٤