٤٤وقوله: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤) قوله: {أَمْ تَحْسَبُ} إن كان في الظاهر استفهامًا، فهو في الحقيقة على الإيجاب، وهكذا كل استفهام من اللّه يخرج على الإيجاب أو على النهي؛ كأنه قال: قد حسبت أكثرهم يسمعون أو يعقلون، أي: لا ينتفعون بما يعقلون. {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}: قَالَ بَعْضُهُمْ: كالأنعام لأن همتهم ليست إلا كهمة الأنعام، وهو الأكل والشرب، ليست لهم همة سواه، ليس للأنعام همة العاقبة، فعلى ذلك الكفرة فهم كالأنعام من هذه الجهة. وقوله: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ}: قال قائلون: قوله: {أَضَلُّ} لأن الأنعام تعرف ربها وخالقها وتذكره، وهم لا يعرفون ربهم ولا يذكرونه. أو هم أضل لأنهم ينسبون إلى اللّه ما لا يليق به من الولد والشريك، ويشركون غيره في العبادةِ والأنعامُ لا، فهم أضل. وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم أضل؛ لأن الأنعام إذا هديت الطريق اهتدت، وهم يهدون ويدعون إلى الطريق فلا يهتدون ولا يجيبون فهم أضل. أو أن يقال: هم أضل لأنهم يَضلون وُيضلون غيرهم ويمنعونهم عن الهدى، والأنعام لا، واللّه أعلم. |
﴿ ٤٤ ﴾