١٨٣ثم في قوله: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) جواز الاستدلال من وجهين: أحدهما: وقوع المبيع بملك المشتري، وإن لم يقبضه المشتري. والثاني: جواز بيع الجزء من الكيلي والوزني شائعًا من الكل؛ لأنه قال: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}، أضاف الأشياء إلى الناس ونسبها إليهم، فلولا أن ذلك ملك لهم وإلا لم تكن، أشياءهم، ولكن كانت أشياء هَؤُلَاءِ؛ إذ لا يخلو ذلك إما أن كان ثمنا أو كان مبيعا، فكيفما كان فهو موصوف بالملك لهم دون الذين عليهم إيفاء ذلك. وقوله: {أَوْفُوا الْكَيْلَ}: كأنه قال: أوفوا الكيل والوزن فيما عليكم إيفاؤه، ولا تستوفوا من الناس أكثر مما لكم عليهم. {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} القسطاس: قَالَ بَعْضُهُمْ: العدل، أي: وزنوا للناس حقوقهم بالعدل ولا تنقصوها. وقَالَ بَعْضُهُمْ: القسطاس: هو المَبان وهو الميزان. وقوله: {الْمُسْتَقِيمِ}: المستوي؛ كأنه قال: وزنوا بالميزان المستوي، لا تجعلوا إحدى الكفتين أثقل من الأخرى؛ كأنهم يجعلون الكفة التي يوفون بها حقوق الناس أثقل، والكفة التي يستوفون بها من الناس أخف، فأمرهم أن يسووا الكفتين جميعًا. وقوله: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي: لا تفسدوا فيها. |
﴿ ١٨٣ ﴾