١٢

وقوله: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢) فاللّه تعالى قادر أن يجعل يده بيضاء من غير إدخاله إياها في جيبه، لكنه امتحن موسى بالأمر بإدخالها في جيبه؛ وكذلك قادر أن يصير عصاه في يده حية، لكنه امتحن بالأمر بإلقائها، وللّه أن يمتحن عباده بكل أنواع المحن.

وقوله: {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}: قيل: من غير آفة من برص أو غيره، وقد ذكرنا معناه فيما تقدم.

وقوله: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}:

قَالَ بَعْضُهُمْ: موسى من تسع آيات، وقد يجوز استعمال حرف (في) مكان (من) كما يقال: لفلان كذا كذا نوقا فيها فحلان، أي: منها فحلان.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ}: قال أبو معاذ: قد يكون معنى (في) و (مع) واحدًا فيما لا يحصى عدده، تقول: (خرجت في أهل مرو إلى مكة)، و (مع أهل مرو إلى مكة)، فإذا قلت: (خرجت في تسعة) اختلفا؛ لأنك أحصيت العد في تسعة أنت تاسعهم، و (مع تسعة) أنت عاشرهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو على الانقطاع من الأول؛ كأنه قال لرسوله مُحَمَّد: ولقد بعثنا موسى في

تسع آيات إلى فرعون؛ كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}.

وقوله: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}: دل هذا أنه كان مبعوثًا إلى فرعون وقومه جميعًا؛ إذ ذكر في آية إلى فرعون خاصة، وفي آية أخرى. {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}، وذكر هاهنا {إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}، فكان مبعوثًا إلى الكل.

﴿ ١٢